قالت عائشة: إنَّما أنا أمُّ المؤمنين،وأمَّا (الكافرين) فلستُ لهم بأمّ!! قال الإمامُ قِوَامُ السُّنَّةِ الأصبهانيُّ التَّيْمِيُّ في «الحُجَّة في بيانِ المَحَجَّة»(377) : أخبرنا أبو المظفر السمعاني قال: حدثنا أبو الحسين البزاز قال: حدثنا عيسى بن علي الوزير قال : قرئ على يحيى بن صاعد حدثكم يوسف بن موسى القطّان قال:حدّثنا أبو معاوية قال: حدّثنا هشام عن أبيه(عُروة)، عن عائشة -رضيَ اللهُ عنها-، أنَّها ذُكِرَتْ عند رجلٍ، فسبَّها! فقيل له: أليست أُمَّك؟! قال: ما هي بأمّ! فبَلَغَها ذلك، فقالت: «صدق؛ إنَّما أنا أمُّ المؤمنين،وأمَّا (الكافرين) فلستُ لهم بأمّ!». * * * يقول الله تعالى في محكم التنزيل: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ }. قال العلامة ابن كثير في تفسيره: (وقوله: { وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ } أي: في الحرمة والاحترام، والإكرام والتوقير والإعظام، ولكن لا تجوز الخلوة بهن، ولا ينتشر التحريم إلى بناتهن وأخواتهن بالإجماع، وإن سمى بعض العلماء بناتهن أخوات المؤمنين، كما هو منصوص الشافعي في المختصر، وهو من باب إطلاق العبارة لا إثبات الحكم. وهل يقال لمعاوية وأمثاله: خال المؤمنين؟ فيه قولان للعلماء: ونص الشافعي على أنه يقال ذلك. وهل يقال لهن: أمهات المؤمنات، فيدخل النساء في جمع المذكر السالم تغليبا؟ فيه قولان: صح عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: لا يقال ذلك ، وهذا أصح الوجهين في مذهب الشافعي، -رحمه الله-. وقد روي عن أُبي بن كعب، وابن عباس أنهما قرآ: "النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم"، وروي نحو هذا عن معاوية، ومجاهد، وعِكْرِمة، والحسن: وهو أحد الوجهين في مذهب الشافعي. حكاه البغوي وغيره، واستأنسوا عليه بالحديث الذي رواه أبو داود: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي، حدثنا ابن المبارك، عن محمد بن عَجْلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعَلِّمكم، فإذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها، ولا يستطب بيمينه"، وكان يأمر بثلاثة أحجار، وينهى عن الروث والرمة. وأخرجه النسائي وابن ماجه، من حديث ابن عجلان . والوجه الثاني: أنه لا يقال ذلك، واحتجوا بقوله: { مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ })اهـ. وقال القرطبي في تفسيره: (قوله تعالى: (وأزواجه أمهاتهم) شرف الله تعالى أزواج نبيه -صلى الله عليه وسلم- بأن جعلهن أمهات المؤمنين، أي: في وجوب التعظيم والمبرة والإجلال وحرمة النكاح على الرجال، وحجبهن -رضي الله تعالى عنهن- بخلاف الأمهات. وقيل: لما كانت شفقتهن عليهم كشفقة الأمهات أنزلن منزلة الأمهات، ثم هذه الأمومة لا توجب ميراثا كأمومة التبني. وجاز تزويج بناتهن، ولا يجعلن أخوات للناس. وسيأتي عدد أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- في آية التخيير إن شاء الله تعالى. واختلف الناس هل هن أمهات الرجال والنساء أم أمهات الرجال خاصة، على قولين: فروى الشعبي عن مسروق عن عائشة -رضي الله عنها- أن امرأة قالت لها: يا أمة، فقالت لها: لست لك بأم، إنما أنا أم رجالكم. قال ابن العربي: وهو الصحيح. قلت: لا فائدة في اختصاص الحصر في الإباحة للرجال دون النساء، والذي يظهر لي أنهن أمهات الرجال والنساء، تعظيما لحقهن على الرجال والنساء. يدل عليه صدر الآية: " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم"، وهذا يشمل الرجال والنساء ضرورة. ويدل على ذلك حديث أبي هريرة وجابر، فيكون قوله: " وأزواجه أمهاتهم " عائدا إلى الجميع. ثم إن في مصحف أبي بن كعب " وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم ". وقرأ ابن عباس: " من أنفسهم وهو أب لهم وأزواجه أمهاتهم ". وهذا كله يوهن ما رواه مسروق إن صح من جهة الترجيح، وإن لم يصح فيسقط الاستدلال به في التخصيص، وبقينا على الأصل الذي هو العموم الذي يسبق إلى الفهوم. والله أعلم)اهـ * * * وقال الألوسي –رحمه الله تعالى- في (روح المعاني) : ((اتفق لي أن نظرت في كتاب ألفه سليمان بن عبد اللّه البحراني -عليه من اللّه تعالى ما يستحق- في مثالب جمع من الصحابة حاشاهم- رضي اللّه تعالى عنهم- فرأيت ما نصه : روى أبو منصور أحمد بن أبي طالب الطبرسي في كتاب الاحتجاج عن سعد بن عبد اللّه أنه سأل القائم المنتظر وهو طفل في حياة أبيه فقال له: يا مولانا وابن مولانا روي لنا أن رسول اللّه -صلّى اللّه تعالى عليه وسلم- جعل طلاق نسائه إلى أمير المؤمنين علي -كرم اللّه تعالى وجهه- حتى أنه بعث في يوم الجمل رسولا إلى عائشة وقال : إنك أدخلت الهلاك على الإسلام وأهله بالغش الذي حصل منك ،وأوردت أولادك في موضع الهلاك بالجهالة فإن امتنعت وإلّا طلقتك!! ؛ فأخبرنا يا مولانا عن معنى الطلاق الذي فوض حكمه رسول الله -صلّى اللّه تعالى عليه وسلم- إلى أمير المؤمنين فقال : إن اللّه تقدس اسمه عظّم شأن نساء النبي -صلّى اللّه تعالى عليه وسلم- فخصهن بشرف الأمهات، فقال -عليه الصلاة والسلام- : يا أبا الحسن إن هذا الشرف باق ما دمن على طاعة اللّه تعالى ،فأيتهن عصت اللّه تعالى بعدي بالخروج عليك!! فطلقها من الأزواج وأسقطها من شرف أمهات المؤمنين . ثم قال : وروى الطبرسي أيضا في الاحتجاج عن الباقر أنه قال : لما كان يوم الجمل وقد رشق هودج عائشة بالنبل، قال علي -كرم اللّه تعالى وجهه- : واللّه ما أراني إلّا مطلقها فأنشد اللّه تعالى رجلا سمع رسول اللّه -صلّى اللّه تعالى عليه وسلم- يقول : يا علي أمر نسائي بيدك من بعدي لما قام فشهد!! فقام ثلاثة عشر رجلا فشهدوا بذلك الحديث! ، ورأيت في بعض الأخبار التي لا تحضرني الآن ما هو صريح في وقوع الطلاق!! ا هـ ما قاله البحراني عامله اللّه تعالى بعدله. وهذا لعمري من السفاهة والوقاحة والجسارة على اللّه تعالى ورسوله -صلّى اللّه تعالى عليه وسلم- بمكان وبطلانه أظهر من أن يخفى، وركاكة ألفاظه تنادي على كذبه بأعلى صوت، ولا أظنه قولا مرضيا عند من له أدنى عقل منهم، فلَعَن اللّه تعالى من اختلقه وكذا من يعتقده )اهـ. * * * قال ابن سعد في طبقاته: أخبرنا حفص بن غياث، حدثنا إسماعيل عن أبي إسحاق قال: قال مسروق: (لولا بعض الأمر لأقمت المناحة على أم المؤمنين). وقال: أخبرنا يعلى ومحمد ابنا عبيد قالا: حدثنا هارون البربري عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: قدم رجل فسأله أبي: كيف كان وجد الناس على عائشة؟ فقال: كان فيهم وكان. قال: ( أما إنه لا يحزن عليها إلا من كانت أمه). الطبقات الكبرى.ج8ص78 ط.دار صادر. وفيه قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن حميد بن عريب قال: وقع رجل في عائشة يوم الجمل واجتمع عليه الناس!!، فقال عمار: ما هذا؟! قالوا: رجل يقع في عائشة! فقال له عمار: اسكت مقبوحا منبوحا،أتقع في حبيبة رسول الله، -صلى الله عليه وسلم-؟!! إنها لزوجته في الجنة.اهـ. تأملوا أيها الإخوة الكرام العبارة الفائتة: "واجتمع عليه الناس!!" تعرف به حال ذاك المجتمع الزاهر المتكاتف في إنكار المنكر،وتعرف به أن الوقوع في زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كان من الأمور المستغربة جدا المستهجنة جدا المستنكرة جدا بحيث يجتمع لها الناس! وتأمل ذاك الرد العالي الذي رد به الصحابي الجليل عمار-رضوان الله عليه- مع أنه كان في صف علي -رضي الله عنه-. * * * قال العلامة أبو نعيم الأصبهاني واصفا أم المؤمنين عائشة -رضوان الله عليها- في الحلية: (ومنهم الصديقة بنت الصديق، العتيقة بنت العتيق، حبيبة الحبيب، وأليفة القريب، سيد المرسلين محمد الخطيب، المبرأة من العيوب، المعراة من ارتياب القلوب، لرؤيتها جبريل رسول علام الغيوب، عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها، كانت للدنيا قالية، وعن سرورها لاهية، وعلى فقد أليفها باكية)اهـ. * * * خوفها من الله تعالى: في صفوة الصفوة ، وكذا في الحلية: عن القاسم قال: كنت اذا غدوت أبدأ ببيت عائشة أسلم عليها. فغدوت يوماً فاذا هي قائمة تسبح وتقرأ: {فمن الله علينا ووقانا عذاب السَّموم} سورة الطور آية 27 ؛ وتدعو وتبكي وترددها. فقمت حتى مللت القيام! فذهبت الى السوق لحاجتي، ثم رجعت فاذا هي قائمة كما هي، تصلي وتبكي.اهـ. * * * وفي تاريخ الإسلام للناقد الحافظ الذهبي: (..قال زياد بن أيوب: ثنا مصعب بن سلام، ثنا محمد بن سوقة، عن عاصم بن كليب، عن أبيه قال: انتهينا إلى علي، فذكر عائشة فقال: "حليلة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-". قلت: هذا حديث حسن، فإن مصعباً لا بأس به إن شاء الله. ... أخبرنا عبد الخالق بن عبد السلام الشافعي، أنبأ ابن قدامة سنة إحدى عشرة وستمائة، أنبأ محمد هو ابن البطي، أنبأ أحمد بن الحسن، أنبأ أبو القاسم بن بشران، ثنا أبو مسعود، أنبأ أبو الفضل بن خزيمة، ثنا محمد بن أبي العوام، ثنا موسى بن داود، ثنا أبو مسعود الجرار، عن علي بن الأقمر فقال: كان مسروق إذا حدث عن عائشة -رضي الله عنها-قال: "حدثتني الصديقة بنت الصديق، حبيبة حبيب الله، المبرأة من فوق سبع سموات، فلم أكذبها". .... وقال الزهري، عن القاسم بن محمد: إن معاوية لما قدم المدينة حاجاً، دخل على عائشة، فلم يشهد كلامهما إلا ذكوان مولى عائشة فقالت له: أمنت أن أخبئ لك رجلاً يقتلك بأخي محمد؟! قال: صدقت، ثم إنها وعظته وحضته على الاتباع، فلما خرج اتكأ على ذكوان وقال: والله ما سمعت خطيباً ليس رسول الله -صلى الله عليه وسلم-أبلغ من عائشة!. ... وقال القاسم بن محمد: اشتكت عائشة، فجاء ابن عباس فقال: يا أم المؤمنين تقدمين على فرط صدق على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وعلى أبي بكر -رضي الله عنه-؛ ولو لم يكن إلا ما في القرآن من البراءة لكفى بذلك شرفاً. ... وخرج البخاري في تفسير النور من حديث ابن أبي مليكة: أن ابن عباس استأذن عليها وهي مغلوبة، فقالت: أخشى أن يثني علي!، فقيل ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومن وجوه المسلمين، قالت: ائذنوا له، فقال: كيف تجدينك؟ قالت: بخير إن اتقيت! قال: فأنت بخير إن شاء الله، زوجة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولم يتزوج بكراً غيرك، ونزل عذرك من السماء. فلما جاء ابن الزبير قالت: جاء ابن عباس، وأثنى علي، ووددت أني كنت نسياً منسياً). * * * فضلها على سائر نساء النبي-صلى الله عليه وسلم- : قال الطبراني في الكبير: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بن غَنَّامٍ، ثنا أَبُو بَكْرِ بن أَبِي شَيْبَةَ، ثنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بن سُلَيْمَانَ، ح وَحَدَّثَنَا مُوسَى بن هَارُونَ، ثنا خَلَفُ بن هِشَامٍ الْبَزَّارُ، ثنا أَبُو شِهَابٍ، كِلاهُمَا، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بن أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أَبِي الضَّحَّاكِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّدِ بن زَيْدِ بن جُدْعَانَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: (خِلالٌ فِيَّ سَبْعٌ لَمْ يَكُنْ فِي أَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا أَتَى اللَّهُ مَرْيَمَ بنتَ عِمْرَانَ، وَاللَّهِ مَا أَقُولُ هَذَا فَخْرًا عَلَى أَحَدٍ مِنْ صَوَاحِبِي. فَقَالَ لَهَا عَبْدُ اللَّهِ بن صَفْوَانَ: وَمَا هُنَّ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَتْ: (نَزَلَ الْمَلَكُ بِصُورَتِي، وَتَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِسَبْعِ سِنِينَ، وَأُهْدِيتُ إِلَيْهِ لِتِسْعِ سِنِينَ، وَتَزَوَّجَنِي بِكْرًا لَمْ يَشْرُكْهُ فِيَّ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، وَكَانَ الْوَحْيُ يَأْتِيهِ وَأَنَا وَهُوَ فِي لِحَافٍ وَاحِدٍ، وَكُنْتُ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيْهِ، وَبِنْتَ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيْهِ، وَقَدْ نَزَلَ فِيَّ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ، وَقَدْ كَادَتِ الأُمَّةُ تَهْلِكُ فِيَّ وَرَأَيْتُ جِبْرِيلَ وَلَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنْ نِسَائِهِ غَيْرِي، وَقُبِضَ فِي بَيْتِي لَمْ يَلِهِ أَحَدٌ غَيْرِي وَالْمَلَكُ)وكذا رواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني . * * * السؤال: ما هو واجب المسلم تجاه أمهات المؤمنين, زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم؟ الجواب: (واجبهم محبتهن والترضي عنهن، كالترضي عن الصحابة، ومحبتهن في الله، يحبهن في الله كما يحب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ويترضى عنهم، رضي الله عنهن وأرضاهن، هذا واجب المؤمن محبة الصحابة في الله ومحبة أزواج النبي في الله والترضي عن الجميع رضي الله عن الجميع)اهـ. سماحة العلامة ابن باز .(نور على الدرب). كفكف دموعك فالطريق طويل *** لاتترك الدمع العزيز يسيل في أول الدرب الطويل تحسر *** ماذا عساك إذ ابتليت تقول ياأيها السني لا تجزع إذا *** شح الوجود وهاجمتك فلول و أعلم بأن الله ناصر عبده *** وله مقاليد الأمور تؤول ..ألا يستجيبون لنداء الله ونداء رسوله ونداء الفطره أما آن لنا أن نقول رجعنا إلى رحابك يااارب عدنا إليك منيبين خائفين تائبين راجين عفوك يارب ها أنا ذا العبد العاصي عدت إليك أتردني وترد صادق توبتي حاشك ترد تائباَ حاشاكا يااارب وفي ختام هذه المقالة أسال الله عز وجل أن ينفع بها وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم والحمد لله رب العالمين. وصلي الله وسلم علي نبينا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين للمزيد من الدروس والبرامج الإسلامية أرجوا زيارتنا علي هذا الموقع . http://khalid-aljorane85.hexat.com